التنظيم العالمى للاخوان..للاخوان المسلمين...الغائب الحاضر فى الازمه المصريه..
“التنظيم العالمي” لجماعة الإخوان المسلمين.. كيان ظل الجدل حوله ممتدا بامتداد تاريخ الجماعة التي نشأت قبل 85 عاما.. فالبعض ينكر وجوده، وإن كانت أدبيات الجماعة نفسها أكدته، والبعض الآخر يتحدث عن طبيعة دوره، وتأثيره في منظومة العلاقات الدولية، وممارسات أفرع الجماعة، داخل كل دولة على حدة، خاصة الدول التي تنتشر فيها الجماعة والتي تجاوزت السبعين، بحسب مصادر محلية ودولية متطابقة.
إلا أن هذا الجدل، تصاعد في الآونة الأخيرة، مع التحولات التي تشهدها مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، والتي بلغت ذروتها بعزل أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر منذ إعلان الجمهورية عام 1953، بعد عام واحد من حكمه، وهو الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
ومع الضربات المتتالية التي تواجهها الجماعة، منذ عزل مرسي في تموز (يوليو) الماضي، وفض الاعتصامات المؤيدة له بـ”القوة المفرطة” 14 اب (أغسطس) الماضي، وما تبع ذلك من ملاحقة لعناصر الجماعة، واعتقال لقياداتها، تصدر الحديث عن التنظيم العالمي ودوره في محاولة دعم الجماعة الأم في الصراع الدائر حاليا بمصر، ووسائل إعلام مصرية وعربية، بالتزامن مع ما وصفته بـ”عقد لقاءات متتابعة” للتنظيم، في عدة دول خلال الشهرين الماضيين، بينها تركيا وباكستان.
القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، أشرف عبد الغفار لم ينف وجود “تشاور” على مستوى التنظيم العالمي للجماعة، بشأن الأزمة الراهنة في مصر، قائلا في تصريح خاص للأناضول “العالم كله تتجه أنظاره لمصر، وبالتالي ما المانع أن يهتم الإخوان في العالم بها، ويتشاورون بشأنها؟”.
وأكد عبد الغفار الموجود حاليا بتركيا “يتم التداول والمناقشة بين كيانات الجماعة المنشرة في عشرات الدول، حول الأفكار والأحداث بعيدا عن التدخل في شئون أي دولة، أو الإلزام بأي شيء لهذه الكيانات مركزيا، فكل أهل بلد أدرى بحالها، وهذه اللقاءات ليست شيئا جديدا ولا مرتبطا بأحداث الانقلاب في مصر بعينها”.
وأوضح أن دور ما وصفه بـ”الكيانات الإخوانية في كل أنحاء العالم”، بالنسبة لمصر في الوقت الراهن، هو “التعريف الحقيقي بما يحدث في مصر للرأي العام العالمي والمجتمع الدولي، بحيث يصبحوا منابر إعلامية بديلة للإعلام التقليدي الذي هيمن عليه الانقلاب، فأصبح أحد أدواته القمعية”.
وتابع “أما الدور الثاني فهو تنظيم الفعاليات التضامنية، ودعوة أحرار العالم للمشاركة دعما للشرعية والقضاء على الانقلاب، وثالثا فإذا كان هناك بلدان موقعة على الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية، ربما يمكننا التعاون مع إخوان هذا البلد أو أي كيان حر فيه، بما يتيح لهم رفع قضايا ضد من تورطوا في جرائم ضد الإنسانية من الانقلابيين، لأن مصر للأسف لم توقع على هذه الاتفاقيات”.
“وبالنسبة للنقاط الثلاث، فالأمور تسير فيها بشكل جيد، وخاصة فيما يتعلق بمقاضاة عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، ومحمد إبراهيم وزير الداخلية، لمحاسبتهم على جرائمهم بحق شعب مصر”، على حد قول عبد الغفار.
وشدد القيادي الإخواني أن “التنظيم لم ينهدم في مصر، والدليل مشاركته في قلب الحراك الثوري ضد الانقلاب”، مضيفا “ولا يمني أحد نفسه بتكرار أحداث 1954 و1965 (التي لاحق خلالها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر جماعة الإخوان، بعد علاقة طيبة في بداية ثورة 1952، وتمت مقاضاة أغلب أعضاء الجماعة وقادتها وصدور أحكام بحقهم، وصل بعضها للإعدام) ، فالعالم تغير ولا يستطيع أحد تكميم الأفواه، رغم أن ما يحدث حاليا أشد مما حدث آنذاك من حيث القسوة في التعامل وعدد الضحايا”.
وأكد أن “هناك بالفعل تنظيم عالمي لجماعة الإخوان يترأسه مكتب إرشاد عالمي، والدكتور محمد بديع (مسجون حاليا في مصر) هو المرشد العام للتنظيم العالمي، وهناك هيكلة واضحة لهذا التنظيم، ولائحة تنص على أن للمرشد نائبين مصريين وآخر غير مصري، ومن ثم فإن غالبا من يقوم بمهام المرشد العام حاليا بالنيابة عن د.بديع هو شخص مصري”.
وعن الجدل الذي يتردد عن طرح بعض تنظيمات الإخوان خارج مصر لتغيير اللائحة، بحيث لا تشترط أن يكون مرشد التنظيم العالمي مصريا، اعتبر عبدالغفا هذا الجدل “مجرد جدل إعلامي ليس له أي جذر من الصحة”، مؤكدا أن “التنظيم في مصر يظل هو الأقوى من حيث العدد والتاريخ والخبرة”.
بيد أنه استطرد “ما أؤكد عليه الآن، هو أن مصر أهم من التنظيم، فالهدف الآن من أي تحرك هو إنقاذ مصر لا إنقاذ التنظيم”.
كمال الهلباوي المتحدث السابق باسم التنظيم العالمي للإخوان في الغرب، استعرض بدوره طبيعة هذا التنظيم، قائلا في تصريحات إعلامية “التنظيم العالمي نشأ كفكرة في أدبيات وتراث الإمام حسن البنا (مؤسس الجماعة)، أما النشأة الفعلية فتعود إلى نهايات حقبة السبعينيات من القرن العشرين، حيث كان قد مضى على خروج قيادات الإخوان من السجون في مصر بضع سنوات، وزادت القضايا العربية والإسلامية تعقيدا وتشبيكا وفي مقدمتها قضية فلسطين، مع بصيص من الحريات التي استفاد منها العمل الإسلامي”.
وعن عضوية التنظيم، كشف الهلباوي “تميل إلى التمثيل النسبي بقصد التشاور والتنسيق والتعاون وتبادل الخبرات والآراء وتوحيد المواقف تجاه الأخطار والتحديات، وخاصة الخارجية منها، مع الحرية القائمة لكل دولة عضو في ترتيب البيت من الداخل”، مضيفا “كذلك ليس للتنظيم أجندة ثابتة، ولكن أجندته تنبع من واقع القضايا والتحديات التي تواجه الدعوة”.
أما الدكتور محمد غالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش المغربية، فأوضح في تصريحات خاصة للأناضول أن “هذا التنظيم، مثله مثل كل التنظيمات السياسية، هدفه التشاور والتنسيق وتبادل الخبرات، لكنه غير ملزم بدليل تباين الأداء بين إخوان المغرب، وإخوان تونس، وإخوان مصر وغيرهم”.
ورأى غالي أن “هذا التنظيم بحاجة إلى تفعيل حقيقي، وتبادل جدي للخبرات، وبحث وضع رؤية مشتركة للحركات الإسلامية، تتجاوز كافة الانتقادات، والإخفاقات، التي أصابتها خلال القترة الماضية”.
وحسم يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجدل الدائر حول نشأة التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، حيث يروي في مذكراته، كيف عاصر نشأته، قائلا إنه بعد أزمة 1965، حين اعتقل غالبية إخوان مصر، اجتمع الإخوان خارج مصر للتفكير في مساعدة أسر المعتقلين، ثم تطور الأمر لتشكيل مكتب تنفيذي يمثل الإخوان في الدول العربية أو عددا منها، وبدأت لقاءات كان في أول الأمر يغلب عليها الجانب العلمي والبحثي في شؤون الدعوة وقضاياها الفكرية، ومعوقاتها العملية، ثم بدأ الأمر يأخذ شكلا تنظيميا، يُدعى من كل بلد واحد يمثل الدعوة فيها، إلى أن اتسعت هذه اللقاءات بمرور الوقت لتشمل الإخوان في أنحاء العالم”.
وتابع “كان من أهم ما شغل المكتب أو المجلس في ذلك الوقت، هو إعداد لائحة أساسية عالمية، فإن لائحة الإخوان التي وضعت في عهد الإمام الشهيد البنا، وأدخلت عليها بعض التعديلات في عهد خليفته الأستاذ حسن الهضيبي، كانت موضوعة للإخوان في مصر”، لافتا إلى أن “أهم ما اتجه إليه الإخوان في اللائحة الجديدة، هو اختيار المرشد العام للجماعة، والذي يختاره هو مجلس الشورى العام المختار من جميع الأقطار، ويجب أن يختار لمدة محدودة، وليس لمدى الحياة، وبدل أن كانت صيغة البيعة للمرشد العام، جعلناها بيعة مطلقة، على العمل بكتاب الله وسنة رسول الله، ونصرة الدعوة إلى الإسلام”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق